خصائص استقبال رمضان
لشهر رمضان المبارك مركز عظيم بين المواسم الإسلامية التي يتجلى الله سبحانه وتعالى فيها على عباده بالرحمة والرضوان، ولهذا تستقبله المجتمعات بكل الحب وإن لاستقبال شهر رمضان خصائص وواجبات، فقد كان السلف رضوان الله عليهم يتأهبون لقدوم شهر رمضان قبل الاستهلال، وتستبشر به نفوسهم لأنه موسم العبادة وشهر الطاعة والغفران، وما أشوق نفوسهم إلى الطاعة للملك الديان، وطلب مغفرته عز وجل. فقدوم الشهر الفضيل فرحة لأهل الأرض، وأهل السماء، فالجنة تتزين من الحول إلى الحول لدخول شهر رمضان والملائكة تستبشر بالشهر الكريم. فقد روى الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار، فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل،
ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة". وروى البخاري عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم : “إذا دخل رمضان فتحت أبواب الرحمة، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين ، وفتحت أبواب الجنة". ويستفاد من هذه الأحاديث الشريفة، أن رمضان شهر خير، ورحمة، وتصفد فيه مردة الجن والشياطين، أي تقيد وتسلسل، حتى لايصل شرها إلى الصائمين، وسلسلة الشياطين حسما لمادة الشر، وبذلك يلتمس القلب طريقه إلى النور والهدى بخلو المانع، وهذا يفسر لنا السر في أوبة كثير من الناس في هذا الشهر الفضيل. وفيها: أن أبواب النار تغلق تكرمة لدخول شهر رمضان، وفيه أن أبواب الجنة تفتح، تكريماُ لهم في شهر الصيام، وأن منادياً خاصاً ينادي بدعوة الخير والصلاح. وفيه: أن لله تعالى عتقاء من النار في كل ليلة من لياليه الوضيئة. وتزين الجنة لقدومه هو ابتهاج بمقدمه، وإنما تفتح أبواب الجنة في هذا الشهر لكثرة الأعمال الصالحة، وترغيباً للعاملين، وتغلق أبواب النار لقلة المعاصي من أهل الإيمان، وتصفد الشياطين فتغل. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم رمضان، فعن أبي هريرة رضى الله عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه ويقول: "قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك كتب الله عليكم صيامه..". وعن سلمان الفارسي رضى الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان فقال: "أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيام نهاره فريضة، وقيام ليله تطوعاً، من تقرب فيه بخصلة من خير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزاد فيه رزق المؤمن..". لقد أظلنا شهر كريم، وموسم عظيم، يعظم الله فيه الأجر، ويفتح أبواب الخير فيه لكل راغب، شهر الخيرات والبركات، وشهر المنح والهبات، نستقبل به الرحمات، ونلتمس مغفرة السيئات ومضاعفة الحسنات. ومع إشراقات الشهر الفضيل، وهلاله، ومع بزوغه نستقبل هلاله داعين بالسلامة والإسلام، أخذا بسنة خير الأنام صلى الله عليه وسلم ، قائلين عند رؤية الهلال: "الله أكبر، اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلام والإسلام، ربي وربك الله، أسأل الله التوفيق لما يحب ويرضى، اللهم سلمنا من رمضان وسلمه منا، ينقضي وقد غفرت لنا ورحمتنا وعفوت عنا". وقد كان صلى الله عليه وسلم يدعو ببلوغ رمضان، فكان إذا دخل رجب يقول: "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان". ولقد كان السلف يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعون الله ستة أشهر أن يتقبل منهم. قال يحيى بن أبي كثير: "كان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه منه متقبلا".