أضرار لحم الخنزير بين الأمس
واليوم
في الماضي البعيد لم يكن معلوما لدى العلماء المسلمين أو غير
المسلمين من الذين حرمت أديانهم تناول لحم الخنزير مدى الأضرار الهائلة
التي يسببها هذا التناول، وامتنع المسلمون عن أكل لحم الخنزير امتثالا
لقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ
الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ
وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ
السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) "المائدة
3". ولكن مع تطور العلوم الطبيعية، خاصة علمي الاحياء والكيمياء وتطور
مناهج البحث العلمي وأدواته بدأت تتكشف للعلماء الأضرار الكثيرة التي
يسببها تناول لحم الخنزير. ولم تتوقف هذه الاكتشافات حتى يومنا هذا، فقد
أفاد تقرير منظمة الصحة العالمية أن الخنزير حيوان ضعيف تحور داخله فيروس
انفلونزا الطيور مع فيروس أنفلونزا الخنازير،
وهذا الفيروس قابل
للإنتشار من إنسان إلى آخر، وقد يقوم الخنزير بدور الوعاء المازج لفيروس
انفلونزا الإنسان وفيروس انفلونزا الطيور وفيروس انفلونزا الخنازير لينتج
فيروسا أشد فتكا بالبشر، حيث يتم تبادل القطع الجينية للحامض النووي الخاص
ليتم التبادل الفيروسي (1). ولم يتوقف خطر الخنازير عند تحوير فيروس
أنفلونزا الطيور وفيروس أنفلونزا الخنازير واحتمال تطوير نوع ثالث في موجة
جديدة قادمة لا سمح الله، بل ذكرت وكالات الأنباء نبأ اكتشاف السلطات
الفلبينية لشحنة من لحوم الخنازير في طريقها إلى سنغافورة حاملة لفيروس
الإيبولا epola ريستون، وهو فيروس تطور في الخنازير في إحدى المزارع،
ومعلوم أن فيروس الأيبولا فيروس قاتل كان قد ظهر في زائير وبلدان وسط
افريقيا وانتقل للإنسان من القردة وهاهو اليوم يتحور ويتطور داخل الخنزير
ليواجه العالم خطرا آخر لم يكن يحسب له حساب (2). ويعد الخنزير أقذر
الحيوانات على الإطلاق فهو ثنائي التغذية ولا يعد من الحيوانات المجترة،
ويتناول العشب واللحوم على السواء، وقد ثبت لدى المختصين أن الخنازير تأكل
صغارها وتأكل نحو 30 % من الخنازير الميتة أو النافقة في القطيع، وإذا
علمنا أنها تأكل فضلاتها وروثها والقمامة أدركنا مدى قذارة هذا الحيوان،
وأدركنا بذلك كله مدى خطورته على صحة الإنسان (3). وقد كتب العلماء
والمختصون كثيرا في أضرار الخنزير ولحومه، فهي تحتوي على نسبة عالية من
الدهون والشحوم التي ترفع نسبة الكوليسترول غير الحميد عند متناوليه وهو
الأمر الذي يعرضهم للإصابة بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والجلطة الدموية،
وضيق التنفس، واختلال الدورة الدموية والجلطة الدماغية والشلل النصفي .
والخنزير من الحيوانات التي تصاب بأمراض متعددة قابلة للإنتقال منه إلى
آكليه، وتسبب بعض الأطعمة المعدة من لحم الخنزير وشحومه ومواده المخاطية
وأحشائه، كالسجق واللحوم المملحة واللانشون والقديد أمراضا خطيرة، كالسرطان
وأمراض القلب، وانتفاخ الأنسجة(4). وتساعد مادة الهستامين في لحم الخنزير
على حدوث البؤر والدمامل والالتهابات الداخلية والخارجية، خاصة قرحة المعدة
والتهاب الجلد وتساقط الشعر، ويحتوي لحم الخنزير على نسبة عالية من حمض
البوليك وهي النسبة الأعلى له بين جميع الحيوانات، وبينما يفرز الإنسان 90%
مــن هــذا الحمـض في بولــه، فإن الخنزير لايفرز إلا 2% فقط، أما النسبة
المتبقية فتصبح جزءا من نسيجه اللحمي ولذلك يعاني آكلو لحم الخنزير من
الأمراض الناجمة عن ارتفاع حمض البوليك في الدم (5). وينقل لحم الخنزير
أمراضا طفيلية كثيرة، ومن بين الطفيليات التي يحتوي عليها طفيليات فاشيولبس
بوسكي، وهي طفيليات تعيش في الأمعاء الدقيقة للخنزير، وتنتقل للإنسان
وتسبب له أضرارا واضطرابات في الجهاز الهضمي، فضلا عن الديدان المستديرة
(الاسكارس)، ومن بين الديدان التي ينقلها لحم الخنزير الديدان الخطافية
(الأنكلستوما)، وتسبب الحساسية الأرضية والإسهال الذي يرافقه نزيف دم في
البراز، وقد تؤدي إلى هبوط القلب والوفاة، وتعتبر الدودة الرئوية
باراجونيميا، والتي تعيش في رئة الخنزير من مسببات النزيف الرئوي عند
الإنسان (6). وتوجد دودة كلونوركس سيننس في الخنزير ولحمه وهي من الديدان
الماصة التي تسبب مرض الإلتهاب الكبدي الكلونوركس، أذ تؤدي إلى تورم الكبد
مع إسهال شديد وهزال يؤدي أحيانا إلى الوفاة، وإلى جانب هذه الديدان هناك
دودة جايجانثورنكس ودودة البلهارسيا الاسيوية وكلاهما يسبب فقر الدم، وقد
أحصى العلماء أكثر من 20 نوعا من الديدان يسببها أكل لحم الخنزير، وربما
كانت الدودة الشريطية أخطر هذه الأنواع (7). فإذا جئنا إلى الأمراض
البكتيرية فإننا نجد أن تناول لحم الخنزير يسبب الإصابة بالعديد منها،
كالسل الرئوي والجراثيم المغزلية المسببة لعفن القدم، إلى جانب الكوليرا
والتيفوئيد والباراتيفوئيد والحمى المالطية (
. وإلى جانب انفلونزا
الخنازير وتطوير الخنزير لأنواع أخرى منها وكذلك تطويره لفيروس الإيبولا،
فإن لحم الخنزير ينقل فيروسات أخرى أشد فتكا منها فيروس الجدري وفيروس
التهاب الدماغ الياباني وفيروس غرب النيل وأمراض فيروسية أخرى (9)، وكما
ذكرنا فإن خطورة تربية الخنازير تكمن في كونها حاضنة لعديد من الفيروسات
التي تتمازج داخلها لتنتج أمراضا جديدة وأنواعا من الفيروسات لم يسبق
للإنسان التعامل معها أو معرفة تكوينها وتركيبها الجيني، وهو ما يمثل خطرا
على مستقبل الإنسان وصحته. وأخيرا: فإن مرض المقوسات الذي يسببه طفيل
التوكسو بلازما جوندايا يعد من أهم الأمراض التي ينقلها لحم الخنزير ويصيب
المرأة الحامل ويسبب في وفاة الجنين عند الولادة، فإذا لم يمت فإنه يكون
معرضا للعمى والصمم والتخلف العقلي (10). وهكذا فإن تحريم لحوم الخنازير له
فيما نما إلى علم الإنسان اليوم أسباب وعلل كثيرة وربما كشف العلم في
المستقبل عن المزيد منها، وقد امتثل المسلمون لأمر ربهم دون أن يعلموا بهذه
الأمراض، فالإسلام دين أنزله الله تبارك وتعالى لإسعاد البشرية وإنقاذها
من الشرور والآثام، ومن الأخطار بكافة صورها وأشكالها وهو بلسم وشفاء وفلاح
لكل المؤمنين به في كل زمان ومكان. الهوامش:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1- جريدة الوسط - شبكة الاعلام
العربية 7/5/2009 مسيحي. 2- جريدة المصري اليوم 8/5/2009 مسيحي، ومجلة بيت
المرأة العربية – القاهرة 8/5/ 2009 مسيحي، وانظر اسلام اون لاين . 3-
تقرير منظمة أطباء بيطريون بلا حدود - القاهرة 4- حكمة وأسباب تحريم لحم
الخنزير في العلم والدين -الطبيب سليمان قوش- القاهرة ص: 36- 40 دار
البشير. 5- أمراض الجراثيم بين الوقاية والعلاج في الطب الإسلامي ص: 39-40
مكتبة الطالب - مكة المكرمة. 6- نفس المصدر السابق. 7- نفس المصدر السابق.
8- نفس المصدر السابق. 9- الاكتشافات العلمية الحديثة ودلالتها في القرآن
الكريم د. عمر سليمان قوش -الدوحة- دار الحرمين للنشر 1988 ص: 60-64 . 10-
نفس المصدر السابق ص: 62 .